طهران تحرض على أسقاط الشرعية الفلسطينية
تأتي دائماً المحاولات الإيرانية الرامية لشق الصف العربي من البوابة الفلسطينية أولاً، وثانياً اللعب على الوتر الطائفي، لا سيما تبني طهران فكرة أنها المدافع الوحيد عن الشيعة العرب. هذا التوجه الإيراني الأعوج تجلى مرة أخرى عندما اتصل هاتفياً الرئيس حسن روحاني بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في الأيام الماضية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كون الأخير رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، ليؤكد حسن روحاني من خلال المحادثات التي أجريت مع الأمير للعمل الجاد مع الدول الإسلامية والعربية للحد من معاناة أهلنا في فلسطين!!
كما تبنت كافة الصحف الرسمية الإيرانية هذا المسعى الإيراني لمساعدة أهل غزة، وخاصة دعم حماس والمقاومة الفلسطينية، وفي واقع الأمر هذا المسعى الإيراني جميل ولا غبار عليه، وخاصة عندما ترتفع حدة هذه المساعدات في نهاية كل شهر رمضان حيث الجمعة الأخيرة من هذا الشهر المبارك التي حددها مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني بـ “يوم القدس”، فتخرج علينا في هذا اليوم من كل سنة الجماهير الإيرانية بكافة أطيافها، والشيعية العرب في بعض الأقطار العربية، ولا سيما جماهير الحلف الممانع والمقاوم هنا وهناك!!
ومن جانب آخر نشرت وكالة فارس التابعة للحرس الثوري رسالة خالد القدومي ممثل حركة حماس في إيران، والذي طالب فيها الجمهورية الإسلامية أن تدعم حماس في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيت جاء في هذه الرسالة، “ونظراً للأوضاع المؤسفة في المنطقة الشرق الأوسط، أن القضية الفلسطينية في الوقت الحاضر لم تعد بعد من اهتمامات المنظمات السياسية وصناع القرار، ولم تكون بعد من الأولويات في المنطقة العربية والصحافة العالمية”. فيبدو هذا الطلب الحمساوي أثر في نفس الرئيس الإيراني حسن روحاني ليصرح قائلاً، “لم يسمحوا لنا بمساعدة شعب غزة”(والمقصود هنا مصر والسعودية والإمارات)!
والجدير بالذكر أن طهران في الأيام الماضية، دعت لتسليح الضفة الغربية على غرار قطاع غزة، وروّجت لهذا الأمر من خلال كبار قادتها في الحرس الثوري، وأكد المرشد علي خامنهاي أن إيران سوف تدعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح ولا تبالي لأي معارض لهذا الواقع كما قال، وكذلك صرح لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني على أن “الإيرانيين هم الذين علموا المقاومين في غزة أن يصنعوا السلاح، وأعطوهم تكنولوجيا صناعة السلاح”. فهذه التصريحات المتتالية لطهران بدون أدنى شك تأتي في الدرجة الأولى لإضعاف السلطة الفلسطينية أمام الشعب الفلسطيني، وثانياً: إضعاف الجهود العربية المتمثلة بالدول العربية الثلاث، دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر لإيقاف العدوان الإسرائيلي على أهلنا في فلسطين، وثالثاً: أرادت طهران من خلال هذه الدعوة أن تبرهن للجماهير العربية أنها مع خيار المقاومة وهي التي تدعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح!!
ومن هنا وفي ظل هذه الظروف المواتية لأي عمل عسكري أو دعم حقيقي تقوم به إيران تجاه القضية الفلسطينية، في حال أقدمت إيران على مهاجمة الكيان الإسرائيلي فإنها سوف تحظى بقبول عربي إسلامي واسع لا مثيل له بل تشكر على فعلها هذا ليوم الدين، لكن التجربة مع إيران غنية جداً بأنها وظفت وسوف توظف كافة الأحداث العربية لصالحها، لذا يا ترى ما هو المانع لدى إيران من محو إسرائيل من الوجود!!؟ ولماذا دائماً الساسة في طهران وإعلامها الواسع يبرهن أن الحكومات العربية لم تعد بعد مهتمة بالقضية الفلسطينية، وجمهورية إيران الإسلامية هي الوحيدة القادرة على حماية فلسطين وشعبها!!؟
ومن هذا المنطلق، بات لجميع العرب شعوباً وحكومات أن الغاية من الدعم الإيراني المختصر بإعلامها وأبواقها من عبدة التومان العرب على مدى ثلاثة عقود واضحاً، وأهداف طهران هي كتالي:
أولاً: أن يكون لإيران نفوذ لدى حماس وتأثير على قراراتها، وهذا ما يمكّن طهران من توظيف حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية الأخرى لصالح مشروعها في المنطقة العربية. إن مضمون رسالة المرشد الإيراني علي خامنهاي للدول العربية، “إن طهران ليست في سورية والعراق ولبنان صاحبة التأثير والقرار، بل إنها في الدول العربية السنية أيضاً لها التأثير المباشر”، يأتي في هذا الإطار.
ثانياً: إن الثورة المستمرة في إيران منذ ثلاثة عقود بحاجة لوقود لضمان استمراريتها، فـ فلسطين ولبنان وسورية والعراق والبحرين واليمن، وغزة وشتيلا وصبرا وكربلاء والنجف، وحزب الله والحوثيين وعصائب أهل الحق والجهاد الإسلامي وغيرهم التابعين هم ضمان الثورة، واستمرارية نظام الولي الفقيه في طهران.
المصدر : مركز المزماة للدراسات والبحوث