تقرير:المالكية: موقعها،سكانها،اقتصادها،هور الصحين،المعالم الأثرية والكرخة
الـمـــــالــكــيـــة
موقعها، سكانها، اقتصادها، هور الصحين، المعالم الأثرية، الكرخة
على ضفاف نهر الكرخة، بدءا من الخفاجية حتى قرية "البوعفري" على الغرب من الطريق الدائري المؤدية الى الحويزة، تتمدد احياء سكنية تدعى "المالكية"، كانت هذه الاحياء السكنية ذات ثقل سكاني كبير جدا حتى قبل ثلاثة عقود، فتحولت اداريا بعد انتهاء الحرب العراقية-الايرانية سنة 1988م الى ثلاث قرى، المالكية السفلى والوسطى والعليا، الا ان الاخيرة ماعادت تحسب على القرى، فقد تم ضمها للخفاجية المدينة. تعرف "المالكية العليا" بين الاهالي ببيت "سعدون البدن" (من بيت امنيشد) والمالكية الوسطى ببيت "غفلة من عشيرة إمرمض"، وأما "المالكية السفلى" فلا تحظى بتسمية محددة، لكنها عبر ثلاث نزلات (أي ثلاثة ممرات) تتصل بالطريق الذي يربط الخفاجية بالحويزة، الاولى نزلة "البومغينم" والثانية نزلة "إمرمض" والثالثة نزلة"الغوابش". التسمية: يحكى ان اول من سكنها هي قبيلة بدوية تدعى "بني مالك". عدد السكان وفقا للاحصائيات المتوفرة لدى المراكز الصحية في المالكية:
- بلغ عدد سكان المالكية السفلى 2270 نسمة في سنة 2014م، بعد ان كان 1961 نسمة في 2011م.
- بلغ عدد سكان المالكية الوسطى 417 نسمة في سنة 2014م، الا ان هذا العدد كان 436 نسمة في 2013م، و446 نسمة في 2012م، و398 نسمة في 2011م.
شهد عدد السكان في "المالكية الوسطى" انخفاضا تدريجيا منذ 2012م وذلك بسبب هجرة العديد من العوائل خلال السنوات الاخيرة من هذه القرية الى الخفاجية بسبب تردي الاوضاع في كافة المجالات.
هور الصحين:
كان يبعد عن المالكية نحو ثلاثة (3) كيلومترات ويقع بموازاتها وملاصقا للمناطق السكنية المحيطة به وهي "الخفاجية المدينة" و"البوحميظة" و"الحمودي" و"الحويزة". لطالما اصطاد سكان القرى الاسماك والطيور بكثرة في هذا الهور الذي يتغذى من مياه الري التي تغمر حقول الرز(الشلب)، الا ان انخفاض منسوب المياه خلال العقدين الماضيين قلص القنوات والممرات المائية الغزيرة المياه محولا اياها الى بضعة قنوات ضيقة تجري المياه فيها بشكل متقطع وذلك في فترات محددة، نظرا الى اعتمادها على المضخات التي تسحب المياه من نهر الكرخة، تجدر الاشارة ان عرض القناة الواحدة كان يبلغ نحو 4 أمتار وعمقها 3 امتار، بينما الآن يبلغ عرض الواحدة نحو مترين اثنين وبعمق متر واحد. المعالم الأثرية: تحتضن منطقة "الصحين" بقعتين اثريتين اثنتين، الاولى هي "أم إصخير" والثانية "جسر الحمارة"، بشأن "أم إصخير"، يقول الطاعنون في السن من اهل المالكية انها تتكون من مبنيين اثنين شيدا من الصخر، حالها حال سكان المنطقة، هذه الآثارتقع في طي النسيان، ولاشك ان السبب في ذلك هو انها تعود الى الحضارات السامية.
نهر الكرخة (ذات التسمية السومرية) ينطلق من سلسلة جبال زاجروس ويمر من مدن سوس والحميدية وكوت الهواشم (حاليا "كوت سيد نعيم") والخفاجية ثم يجتاز المالكية متجها الى "الرفيع" كي يصب في هور الحويزة. فقد النهر هيبته وكبريائه بعد ان صودرت مياهه التي كانت تبقيه حيا شامخا، وبهذا انتهى أمر الأفرع الزاخرة بالمياه، من بينها الأفرع التي كانت تمد "هور الصحين" بالحياة حتى قضى الهور نحبه وتحول الى ارض جافة، تزرع من حين الى حين. ان تدهور اوضاع الكرخة الحق اضرارا كارثية بزراعة المنطقة وبيئتها وماشيتها، وقبل كل شيء حط من معنويات سكانها. قنوات المياه المندثرة والاراضي الزراعية التي تقع بموازاة المالكية حسب تسلسلها، بدءا من الخفاجية حتى الحويزة:شاخة (قناة) المشروطة تصب في ارض المشروطة، شاخة "إتهمان" وشاخة "الخر" تصبان في "الشمس"، شاخة "الشويب" وشاخة "سالم" تصبان في "الحوطة"، شاخة الزايرة (أم الشيخ) تصب في "الشمس"، الشعلانيات وهما قناتين اثنتين بإسم "شعلان الزاير علي" تصبان في "الردة والقريشية"، كل من شاخة العبيداوية (عبد شحيل عفراوي) وشاخة الحجية وشاخة الحمر (ذات التربة الحمراء) تصب في "بكو والمهاوية".
ان القنوات (الشاخات) المذكورة اعلاه اندثرت بفعل موجات الجفاف بعد ان كانت تغمر الاراضي الزراعية الواقعة في هور الصحين بمياهها الوفيرة. هناك حاليا سبع (7) قنوات تتمدد داخل هيكل الماليكة وتقسمها الى اجزاء، ثم تتحول الى الطرف الآخر من الطريق المجاورة للقرية والمؤدية للحويزة، موصلة هذه المياه الى منطقة "الصحين" الزراعية، يبلغ متوسط عرض الواحدة نحو مترين اثنين (تدعى هكذا قنوات بـ"العبارة" و"الرايط" في اللهجة الأحوازية) الا انه تم توسيع هذه القنوات حتى الـ10 امتار في بضعة مواقع؛ نظرا لحاجة قطعان الجاموس الملحة لدخول مياه القناة. هذه العبابير(روايط أو قنوات المياه) هي: عبارة بيت حجي سبهان، عبارة شندي، عبارة حجي شايع، عبارة بكو، عبارة ابو زلة، عبارة بيت حردان، وفي المالكية العليا هناك عبارة واحدة وهي: عبارة بيت سعدون. تجدر الاشارة انه قديما، الذهاب الى الحويزة كان يتم مشيا أو عبر استخدام المشاحيف، إذ كان المشحوف (الزورق) ينزلق في الشاخة (القنات) ثم يجوب "هور الصحين" كي يرسوا في الحويزة، وبالنسبة للخفاجية فقد كان الذهاب اليها يتم إما جريا على الاقدام، أو بامتطاء الخيل أو ركوب المشاحيف وذلك من خلال جر المشحوف بالحبل في نهر الكرخة ليسيرعكس التيار.
اقتصادها:
قلة من سكانها هم موظفون حكوميون ويعتمد اقتصاد الاغلبية على الزراعة، صيد الاسماك وتربية المواشي (الجاموس والبقر)،–فقط "البوالش" و"إمرمض" علاوة على البقر يربيان الجاموس ايضا- الا ان انخفاض منسوب المياه وغلاء اسعار الأسمدة الكيماوية والوقود المستخدم لمضخات المياه وعدم تلقي كل من المزارعين واصحاب المواشي، الدعم اللآزم، كلها امور اضطرت العديد من سكان المالكية – كما هو الحال بالنسبة لقرى وأرياف منطقة الأحواز – الى بيع مواشيهم واراضيهم الزراعية والتوجه نحو المدن بحثا عن فرص عمل. منذ سنوات والمنطقة تواجه مشاكل كثيرة منها؛ السرقة والادمان، فضلا عن الاكتئاب وانهيار معنويات الكثير من السكان خاصة الجيل الشاب، كلها امور أدت اليها البطالة المتفشية والوضع الاقتصادي المزري.
زراعتها:
حتى قبل عقدين اثنين كان الاهالي يزرعون الشلب (الرز) والحنطة (القمح) بكثرة، الا انهم الآن وبسبب شح المياه يزرعون الحنطة والشعير، وزراعة الشلب تتم في حال تمكن احد المزراعين من استحصال التراخيص اللآزمة من دائرة "الجهاد الزراعي" وذلك بعد تأكد هذه الدائرة من توفر كميات كافية من المياه.
الثروات الجوفية :
نحو سنة 1990م انتشرت رائحة غاز غطت القرية وعانى منها السكان كثيرا، حتى تم الكشف عن حقل غاز تحت القرية تماما تتسرب غازاته من نقطة محددة تتوسط القرية، فقامت شركة النفط بنصب صمام ضخم لمنع تسربه من الارض.
الوضع المعماري:
بيوت القرية في الغالب قديمة وغيرمنتظمة ولاتتمتع بأي تخطيط هندسي حديث، هناك قلة ممن تحسنت ظروفهم المادية تمكنوا من اعادة بناء بيوتهم كي تتناسب والتصاميم العصرية الحديثة.
نسيجها القبلي:
حالها حال بقية اجزاء مدينة الخفاجية وضواحيها، سكانها عرب؛ غالبتهم من قبيلة "بني طرف"، يتكون سكان المالكية السفلى من بيت سبهان، بيت الحاج علوان (من بيوت امنيشد)، البوالش، البومغينم، البوعفري، إمرمض، الغوابش، بيت منابية وبيوت من اهل النگرة، نيس، بيت حردان(منطقة النعمة) وبيوت من السادة، وأما المالكية الوسطى فهي تضم بيوت من عشيرة إمرمض وبيتين اثنين من السادة. من بين السكان الاصليين للمالكية هم الصابئة المندائيين، والبيوت الصابئية التي كانت تسكن المالكية السفلى هي: "بيت عوفي ابن ليلاي زهروني" و"بيت امحيي" و"بيت امعارچ ابن عودة" و"بيت نصر" و"بيت بطوش ابن اچميم زهرونی" و"بيت عبدالله ابن عودة" و"بيت عبود ابن اعبيد زهروني"، الا ان "بيت ارزيج ابن نصر" هم آخر الصابئة الذين هجروا المالكية السفلى في مطلع القرن العشرين، كانت هذه الأسر تعمل في مجال القلافة والحدادة؛ القلافون كانوا يصنعون قوارب الصيد التي تسمى "المشحوف"(جمعها "مشاحيف") والحدادون كانوا يصنعون المناقل والادوات التي تستخدم في مجال الزراعة مثل المناجل، المجارف والمحش(القوسانية)، السبب الرئيسي وراء انتقالهم الى الخفاجية والأحواز المدينة، هو تدهور اوضاعهم المعيشية إثر تدني الطلب على منتوجاتهم وصناعاتهم اليدوية. وأما المالكية العليا تسكنها في الوقت الحاضر عدة بيوت من الصابئة وهي بيت "جبار ابن إحوير"، بيت "اشنيشل ابن إحوير"، بيت "برويز ابن بطوش" وهناك بيت تسكنه سيدات صابئيات ينتمين لبيت "احوير".
موجات النزوح للمالكية:
خلال الحرب العراقية-الايرانية نزحت اليها عوائل من عشيرة "السواري" من قرية "الرفيع"(حاليا هي قضاء الرفيع) المحاذية لهور "الحويزة"، السواري الذين يمارسون مهنة الصيد وتربية الجاموس كانوا يفضلون "المالكية السفلى" لأنها تتناسب ونشاطهم الاقتصادي، لكنهم عادوا الى الرفيع مع انتهاء الحرب، الا ان هناك بضعة عوائل من السواري مازالت في المالكية العليا حتى الآن . بعد اندلاع حرب الخليج الأولى (تسعينيات القرن الماضي) سكنت المالكية الكثير من العوائل العراقية النازحة من جنوب العراق، ومع سقوط النظام العراقي السابق سنة 2003م، عادت هذه العوائل شيئا فشيئا الى مدنها، الا ان مكوثها لسنوات في "المالكية" وبشكل عام في منطقة ميسان (الخفاجية والحويزة والبسيتين) تلاه تواصل مستمر بين الطرفين.
الوضع الصحي:
تلوث مياه الكرخة بالازبال ومياه الصرف الصحي والأوبئة تسبب بحالات لاتعد ولاتحصى من الاسهال لدى الكبار والصغار منذ سنين طويلة حتى الآن، فضلا عن داء "الليشمانيات الجلدي" (بالفارسية السالك ومحليا يسمى "الاخت") وهو مرض جلدي شائع جدا ويعاني منه سكان المالكية خاصة الاطفال وذلك بسبب تكدس الأزبال والقمامة في الممرات والطرقات وعلى حافة قنوات المياه وفي انحاء كثيرة من المالكية. انتشار النفايات والأزبال في ظل غياب خدمات دائرة البلدية ادى الى انتشار حشود الفئران التي تغزو المنطقة مخلفة الامراض والتدهور الصحي. خلال السنوات الاخيرة ازدادت حالات الربو وضيق النفس لدى الكثيرين خاصة عند هطول الامطار الحمضية التي تشهدها المنطقة؛ تمتزج قطرات المطر بذرات اكسيد الكبريت والنيتروجن الناجم عن حرق النفط في منطقة "ميسان" ما يلحق اضرارا بالغة الشدة بصحة السكان كما ان له آثارا كارثية على التربة والنبات والكائنات الحية خاصة الاسماك والطيور والضفادع. بعد ان كانت المالكية في قمة ازدهارها، كما كان الحال بالنسبة لمنطقة "ميسان" برمتها، تعرضت خلال الحرب العراقية-الايرانية في ثمانينات القرن الماضي الى قصف عشوائي واجتياح بري تسبب بقتل وجرح وتشريد سكانها، ومنذ انتهاء الحرب حتى الآن كوفئت بالإهمال والتهميش وسوء الخدمات والافتقار لابسط وسائل الرفاهية، اضافة الى تفشي البطالة على نطاق واسع جدا، رغم كثرة حقول النفط والغاز المحيطة بها والتي تتمتع بخيراتها اغلب المحافظات والمدن النائية، مخلفة البؤس والشقاء لما تسببه من تلوث بيئي هائل جدا واضرارا صحية بالغة الخطورة، عانى ومازال يعاني منها السكان المغلوبون على امرهم.
(الشكر والتقدير لقدماء القرية خاصة الحاج صالح ابن الحاج حسن سياحي، إذ سردوا معلومات كانت ستدخل طي النسيان حول كل من القنوات المندثرة وهور الصحين، علما ان إعداد التقرير تم خلال لقاءات مطولة ومتكررة اجريت مع العديد من سكان المالكية بمختلف شرائحهم) توفيق فلاحية- كفاح غانمي
المصدر:موقع بروال
تنويه: تم استخدام التسمية الصحيحة لوطننا الأحواز بدلا من الإسم المزور( ا ل أ ه و ا ز)